الشبكة العنكبوتية بين المستثقف، والمستكتب، والمبتدع
بقلم الكاتبة والشاعرة هدلا القصار
كي لا يفاجئ القارئ بما ينشر في بعض المواقع الالكتروني نقول له: أن هناك العديد مثل هذه العناوين تجتاح صفحات المواقع التي تنشر لبعض المستكتبين، المستثقفين، المبتدعين، سيرتهم الذاتية كما يشتهوا أو يحلو لهم أن يزرعوا أنفسهم في الشبكة العنكبوتيية التي حولت عقل الكاتب والجامعي والتلميذ إلى كسل فكري .
ومن هذه المسميات رأينا أسماء عديدة بمن يسمون انقسم أدباء وكتابا ومثقفون.... وهم بالأساس لا يتذوقون لذة الكتابة، والفكر، والتحليل، الموضوعي، الناتج من تقييم أفكارهم... طالما وجدوا الغطاء الشاهد على إفلاسهم الفكري الذي يلف غموض كتاباتهم، وشخصياتهم، وأفكارهم المعجونة من أقلام كتاب أسياسيون .
ومن بين هؤلاء، المستثقفين وجدنا هناك أشخاص نعرفهم عن قرب، حملوا سيرتهم بمطبوعات شعرية وروائية وبحوث الخ، دون ذكر أسماء الكتب التي صدرت لهم، فارجوا من هؤلاء الأشخاص أو أصحاب المواقع تزويد القارئ بذكر أسماء إصداراتهم، وبأي دار نشر طبعت تلك الكتب الحاضرة في سيرته...، أو أن بالأساس لا وجود لها في سيرتهم التي عبئت بطاقاتهم الفكرية والإبداعية للمفاخرة..، معتقدين أن غير ذلك ستبقى شخصياتهم غير معروفة ...
ومنهم من كتب في سيرته، أديبا، ناقدا، باحثا،.. الخ ؟!
ومنهم من أبدع وتبنى شهادات فارغة أو مزورة وعلوم عليا ... لكن حسب معلوماتنا أنهم موظفون بدرجات متوسطة بسبب شهاداتهم التي لا تسمح لهم أن يكونوا أكثر من ذلك،
ومنهم من كتب في سيرته، باحث اجتماعي، أدبي، تربوي، اقتصادي/سياسي... الخ ؟!
ومنهم من ملأ سيرته الذاتية بكل هذه الطاقات الإبداعية الثقافية الهائلة، وهم بالأساس بعيدون عن مشروع الكتابة ... وليسو سوى مستثقفين مستكتبين يدعون ما يشتهوا أن يكونوا لتغطية إمراضهم النفسية والنرجسية، وربما لان غرور مثل هؤلاء يتطلب منهم أن يكونوا كتابا متعددي الاتجاهات والثقافات كزملائهم الموهوبين، علما انه ليس شرطاً أن يكون الكاتب متعدد المواهب والطاقات.... يكفي أن يبدع في مكان واحدا، بشرط أن تكون كتاباته من اجتهاده الفكري، والشخصي والإلهامي وليس بتنقيب موضوعات لكتاب يستحسن نسخ وتحليلاتهم ومقترحاتهم وسرد أفكارهم من المنتديات، والمواقع الالكترونية، لاستقطاب فكرة تطرق لها كاتبا دون غيره، أو من اجل أن يزجوا أنفسهم بين أسماء كتاب لا غبار عليهم .
ويبدو لنا أن الخلل كامن في عقل وشخصية هذا أو ذاك المستكتب الذي يتقمص موضوعات الغير من الشبكة العنكبوتية التي حولت تلك التكنولوجيا لإغراض السرقة، بدل أن تساعد الفرد على الاطلاع ... بل أضرت بالكاتب، والجامعي، والتلميذ، الذي يتطلب منه ان يحضر بحثا من "searcoh google" وليس من عقله ودراسته، ومخزون معلوماته التي اكتسبها من علوم المدرسة أو الجامعة..، من هنا يبدأ تكاسل فكر الفرد .
لذا يقع بعض المستكتبين المقهورين العزيمة في مربد الشبكة العنكبوتية التي تستقبل الغيث والثمين والمتوسط، مما تسببت التهافت على سباق سرقة أفكار، وموضوعات كتاب حقيقيون من خلال تصفح " searcoh google للمنافسة والتباهي بأعداد المقالات المنشورة على صفحاتهم في بعض المواقع مهما كانت الوسيلة، متواريين عن المادة التي تحرك المشاعر المستدعية تدفق حبر القلم الذي يخلق التعرف على الذات الناتجة التي تزيد من ثقافة الأشخاص الذين تهاجمهم عدم معرفة الكتابة الخالصة ...
إذ هذه ليست ظاهر شخصية بقدر ما هي دالة على وضعية ومعدن مثقف اليوم الذي حول الكاتبة التي تصنع من دم أقلامنا المفرغة رؤوسنا وأحاسيسنا ... متجاهلين أيضاً قوة كتابة الموضوعات الصالحة للحوار والمعالجة ... التي يعتمد عليها الكاتب الأساسي . بما أن الكتابة هي جوهر الفكر والعلم الذي يجمل مميزات القلم الخاص بالكاتب الموهوب ..، وفي النهاية من الضروري أن تحمل هذه المميزات مبادئ شرف الكاتبة الإبداعية المحرض أقلام ذاك الشاعر أو الكاتب الذي لا يكف عن النزف واستدراج ملحقات المعرفة... لتقوية الروابط العلمية والثقافية بينه وبين المتلقي أو القارئ، قبل أن يقع في فخ فبركة الكتابة وسهولة ما يصبو إليه المستكتب والمستثقف والمبتدع الذي يريد أن يصبح كاتبا وشاعرا وناقدا ومرشدا ومنتجا ً... معا، دون أن ينظر إلى فضائل هذه التسميات وتطوير العقل دون شيريك، ولان الموضوعات النابعة من أفكار الكاتب الموهوب تتحرك وتتناثر وتتوالد وفق أفكاره وتصوراته التي تصنع المحسوس والملموس من تفاصيل خيال الكاتب المتفاعل مع المعالجة والتوقعات الناتجة من أدوات الفكرة ونضوجها المكتمل لدي الكاتب الحقيقي، وليس المستند إلى تفاصيل التقليد، ولا يجوز غير ذلك .
ولا يجوز أيضاً للكاتب أن يتحلى بنظريات الغير، لمن يجالسه للتنظير والمفاخرة واللعب على أفكار المثقف الصغير ... دون الإشارة لذكر أسماء من زرعوا النواة الأولى لتلك النظريات .
أيها المستكتب، المستثقف، المبتدع، عليك أولا أن تكون متفتح العقل ... وأن تتعلم رغبة الإبداع الفكري، ومراقبة ما يثير تفاعلك العقلي والشعوري عن قرب، ويجب أن تعي ما تريد إيصاله إلى المتلقي .
وأن تنظر من بعيد للموضوعات التي تتطرق إليها إذ ستدر على المتلقي بالفائدة المعلوماتية والعلمية والأفكار التحليلية لتساعده على الاستنطاق، ولنرى الكاتب الحقيقي في رأسك، وبين أوراقك، وأشكال كلماتك، ومقترحاتك الشخصية.. قبل أن يعجز حصانك عن إيجاد ما تتطرق له ...
ليبقى السؤال كيف نتخلص من تعبئة عيوب ذاك الآخر وأرشيفه ؟!!.
ولماذا يستقطب الفرد المبتدع العمل الإبداعي بأسهل الطرق ....
لذا يجب إعادة النظر في كل ينشر على محطات المواقع وصفحات الانتر نت قبل أن تصبح مقالات الكاتب الموهوب ونظرياته في متناول العين السارقة ....، وان نعيد النظر في مفهوم " الغاية وتبرير الوسيلة" .
قال الأصفهاني ( في مقدمة كتاب " معجم الأدباء"، أن الكاتب الحقيقي لا يكتب كتابة في يومه إلا وقال في غده، لو غيرت هذا المقطع لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدمت هذا الموضوع، لكان أفضل، ولو تركت هذا المكان لكان أجمل.....، أن هذه العبر، هي الدليل على استيلاء النقص على جملة البشر) .
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق